الاثنين، 25 مارس 2013

عصفور تحت المطر ..الفصل الثاني


الفصل الثاني

الماضي .. الحاضر .. المستقبل .. كلمات تحمل في طياتها الكثير من المعاني بينما أعظم معانيها تكمن في داخلنا .. (.. لست أدرى ما إذا كان لدى مستقبل ..أم إنني انتهيت عند الحاضر ..وربما الماضي ..) ظلت كلماتها تتردد عقله وفي أعماق قلبه .. وتثير شجنه بعد رفضها له بكل هدوء وكأن أمره لم يعنيها لحظة .. فجرت داخله عشرات الأسئلة التى لا معنى لها ..جلس في أقرب مكان ومازال المطر المنهمر يغرقه وهو لا يتحرك .. ولا يشعر به فقد استحوذت على كل تفكيره ..

إنها ستنتهي حيث تريد .. فالماضى لن يعنيها كثيرا إن قررت أن تمضي .. فلتمر إذا عليه مرور الكرام ولتتركه يرحل إلى حيث يريد .. لماذا تتشبث بشيء انتهى وأمل لن يعود ؟؟.. لماذا تقف عند ذلك الخط الذي يؤلمها بين ماضيها ومستقبلها وتنظر للحاضر بعين حائرة .؟؟. منذ عرفها أدرك ما يعتمل بداخلها .. نظرة واحدة فهم منها كل شيء .. يمكن للإنسان أن يعرف شخصا لسنوات ولا يفهمه لكنه فهمها في أسابيع وربما أيام .. ودون أن يدري وجد نفسه ينساق إليها رغم علمه بأنها أبعد مما يريد .. بعيدة جدا في عالمها الذي لا يعرف له طريقا .. ورغم علمه أنها والمستحيل سواء ..

ولكن .. هل هو ممن يؤمنون بالمستحيل ؟ قبل أن يعرفها كان شخص هاديء مستقر يعرف ماذا يفعل وماذا يريد .. وعرفها .. ولم يدر بعدها مالذى أصابه فكأن عاصفة هوجاء ألمت بحياته ..وجد نفسه .. يبحث عنها في كل مكان .. يتحجج بعشرات الحجج كي يراها ويبحث عن أى سبب كي يتحدث إليها .. كانت تشعره بأنه إنسان ذو قيمة وكانت تفهمه .. ربما هي أحد القلائل في هذا العالم الذين فهموه .. في البداية تصور أن هذا هو سبب رغبته في الاقتراب من عالمها .. أنها تفهمه ..تعلل بهذا لنفسه لكي يبرر لنفسه جنونه الذي أصابه فجأه .. لكنه اكتشف مع الوقت أن الأمر أعقد بكثير ..

كان معها يشعر بكل تناقضات العالم .. كان يشعر بالسعادة والأسى .. بالرضا والغضب .. بالسكينة والثورة .. كان يشعر أنه يجد نفسه معها ويفقدها في اللحظة ذاتها ..

لم يعد يهم كل هذا الآن فقد آثرت الابتعاد .. وهاهي تذهب بعيدا إلى حيث لا تدرى .. وهي لم تأبه لأمره فلماذا يهتم ؟

لام نفسه .. ياله من أحمق ,إنه لن يعرف كيف يتعامل معها بعد الآن بعد أن أدركت حقيقة شعوره .. كيف ينظر في عينيها ؟ لقد خسر فرصته الوحيدة .. مالذي كان يضيرها لو قبلت به في حياتها ؟

لابد وأن هناك حل ما .. حل ينجده من كل هذا الجنون المطبق ..

* * * * * * * * * * *

لم يدر أنها في تلك اللحظات  كانت تعاتب وتلوم نفسها وتسأل نفس السؤال .. دون أن تجد مثله أي إجابة .. لم يدر أنها كانت تسير في عاصفة ثلجية داخل نفسها .. قوتان تتصارعان داخل أعماقها في قسوة .. لم تكتشف إحداهما إلا حين صارحها بالحقيقة .. لحظتها فهمت مالذي كان يحدث لها .. قوتان تتجاذبانها بين الشد والجذب وهي حائرة ..لا تملك دفعا لأيهما ولا تفهم أيهما .. قوة جرح كبير سيطر على فؤادها لسنوات وسنوات ..وقوة دافع البقاء والمستقبل التى تتمثل فيه .. هو لم يعرف أنها كانت حمقاء إذ لم تفهم منذ البداية أنه أول من اخترق السور المنيع الذي حولها .. وكانت أكثر حماقة حين لم تفهم أنها كانت تتصرف مثله دون أن تدرى فكانت تسعى لرؤيته ويسعدها الحديث معه ..وأنهما كثيرا ما اتفقا في أفكارهما دون أن يتبادلاها .. لم تفهم كل هذا إلا حين تركته وذهبت موقنة أن كلماتها قد تدفعه للإبتعاد إلى الأبد .. وأنها قد لا تراه ثانية .. 

لحظتها فقط أدركت كم الارتباك الذي أصابها .. إنها لا تريد أن يختفي من حياتها لكنها لا تريده أقرب من اللازم .. مازال جرحها ينزف ومازال قلبها كسير ..لقد أدركت الآن كم تهتم لأمره فقد كان يفهمها دون أن تضطر إلى الشرح والتفسير .. لكنها لن تضحي بكل أمانها واستقرارها من أجل المجهول مرة أخرى .. لن تحتمل نفس الألم مرتين .. كما أن قلبها ما زال غير خال فلم المحاولات التى لا طائل منها ؟

* * * * * * * * * *

مضت الأيام والأسابيع والشهور .. لم تره خلالها ولا مرة .. ولكم شعرت بالأسى والفراغ .. ولكم فكرت فيه متمنية أن تجمعهما الصدفة في الطريق كي تطمئن على أحواله ..ولكن تلك الصدفة لم تأت .. و لقد نسيت في غمرة انشغالها به أمر شخص لم تتصور يوما أنها ستنساه .. وحين ادركت تلك الحقيقة فجأة .. ابتسمت في أعماقها فليته يعرف كم أفادها .. لقد أعانها على المرور دون أن يدري .. لقد عبرت تلك المنطقة اللتى كانت متوقفة عندها بلا حراك .. لقد مر الماضي أخيرا من ذاكرتها ..

وبعد تفكير طويل , وإعادة التفكيروالتردد لوقت أطول .. استغرق منها ما يقرب من شهر آخر .. قررت أن تتصل به لتعرف كيف هو .. ولعلهما يعودا اصدقاء ومن يدري .. ربما ما زال يفكر فيها وينتظرها ..

بحثت عن رقمه وحاولت مرارا وتكرارا دون إجابة .. وأخيرا جاءها صوت أنثوي .... سألت باندهش : هل أحمد موجود ؟ ..

ردت عليها صاحبة الصوت : أحمد سافر منذ أيام إلى انجلترا ليعمل ويعيش هناك .. من حضرتك ؟

سافر .. مادت الأرض تحت قدميها .. لقد أضاعته بيديها .. شعرت بألم كبير , وشعرت بأنها لأول مرة خائفة من الحياة .. أنها فقدت جناحين كانا يحركانها .. لكنها تماسكت ..

سيعود يوما .. إذا كان أحبها حقا ... فإنه سيعود من أجلها .. سيعود لأنه سيفهم أنه أجنحتها وأنها بدونه لا تستطيع أن تستمر ..









 

هناك تعليقان (2):

  1. كان يشعر أنه يجد نفسه معها ويفقدها في اللحظة ذاتها
    أكثر عبارة أعجبتني حتى الآن :) وصفت فوضوية شعور المحبين بدقة ..
    "وأنهما كثيرا ما اتفقا في أفكارهما دون أن يتبادلاها"
    هذا اللذي شعر به البطلان أكثر أنواع الحب بقاءاً وأشدها قوة وأجملها بالطبع .. نهاية الجزء محبطة بشكل مؤلم ولكن العزاء هنا معرفتي بوجود جزء ثالث

    لم أتوقع أن يكون الجزء الثاني بنفس قوة البداية ولكنك خالفت التوقعات مرة أخرى :) أحسنتِ شيماء

    ردحذف
    الردود
    1. يعني لازم الواحد يخالف التوقعات كل حين :)

      هي في الواقع القصة برمتها قديمة وتاريخ كتابتها يعود لما قبل رسالة إلى القدر بوقت طويل..كانت تعتبر تجربتي الأولى..فأنا ممتنة لرأيك واي نقد قادم مرحبة بيه جدا :)

      ولا تقلقي..فيه جزء ثالث أهو ورابع وخامس بس معرفش هيكون محبط ليكي ولا لأ :)

      حذف