الخميس، 16 مايو 2013

قصاصات..63



لدي بعض الإعترافات الغريبة ..عني ..


اكتشفت أن هناك طقس معين يجعل مزاجي رائعا دون سبب , وطقس أخر يجعله ثائرا دون سبب أيضا , وهو أمر محرج , أن تكون بالمعنى الحرفي (مش طايق نفسك) لأن الطقس حار وخانق الرطوبة وهو ما كان يحدث في صيف الاسكنرية..أو أن تكون سعيدا منتشيا لأن للهواء رائحة الربيع !



اكتشفت مؤخرا  أن أكثر لون محبب لي في الزهور هو الأبيض , معظم الزهور التي أحبها بيضاء أو معظمها أبيض..كما أن معظمها أيضا زهور ليست منزلية..الزهور المنزلية تشعرني بالملل..ما يعني أنني لن أعتني بزهور منزلية أبدا!


أكره الرموش الصناعية , تصيبني بالغثيان عندما أراها في ممثلة أو في عروس..نعم المتطور منها  يكاد يبدو حقيقيا لكنها تظل واضحة  لي بأنها صناعية ..ما مشكلة الناس مع الرموش العادية على كل حال ؟

مازلت أحب المرجيحة , وهو هوى  قديم لم أتخلص منه وأشعر بالحنين لها بين الحين والآخر..


اتضح أيضا أنني أكره أن تأتيني الاشياء التي أحبها جاهزة , كثيرا ما صنعت أشياء مهمة بنفسي , مغامرة بوقت وجهد ومال لفترة طويلة فقط لأشعر أنها جائت كما أريد..وأنها جاءت من صنع يدي..وهي مشكلة حقيقية تثير جنون كل من حولي وتثير جنوني شخصيا , ولكني لازلت لم أتخلص منها بعد..



ماهو لوني المفضل ؟ ..بعد عقدين من الزمن وأكثر ..اتضح أنني لا يوجد لدي لون مفضل على إطلاقه..علاقتي بالألوان علاقة عميقة ومعقدة بدأت منذ هوايتي للرسم من الطفولة..وعلى ما يبدو أني اقرب ما أكون لمزاج بيكاسو..الذي كان يمر بمراحل معينة يكون مهووسا فيها بلون ما فيطغى على كل لوحاته ثم بعد فترة زمنية يصبح مهووسا بآخر وهكذا..ولكن الشيء الوحيد الثابت أن هناك لون او اثنين لا أفضلهم..

لن اقول لكم  أي لون مهووسة به هذه الأيام :) 


لي ذاكرة ضعيفة..ذاكرة سمكية كما يقول عنها حبيبي, والذي لا أعرف كيف يتحملها..هو وكل أهلي وربما أصدقائي أيضا , أنسى أي شيء وكل شيء..أضيع أحيانا بين ما فعلته  وما قررت فعله (فتحول في ذاكرتي إلى حدث بالفعل ) ..انسى أماكن الأشياء وأنسى أين كتبت ما يذكرني بمكانها , يغضب الأصدقاء مني حين لا أجيب على رسائلهم على الهاتف أو على النت أو حين لا تسعفني الظروف للرد على اتصال ما ثم لا أعاود الإتصال به لاحقا..السبب يعود لما لهذه الذاكرة السمكية اللعينة..فادعو لي الشفاء منها ..

الأحد، 12 مايو 2013

خصومتنا فاجرة



مضى وقت وقت طويل لم أكتب مقالات ولم أقرأها كذلك, لا أعرف حقا لماذا..ربما لأنها لا داعي لها , وربما لأن العالم أصبح يغص بالمقالات حتى أنها أصبحت بلا طعم يستساغ ولا فائدة..
ولكنني وجدت نفسي أمام مقال د.نبيل فاروق الذي يحمل عنوان (إذا خاصم فجر)..ولسبب ما جذبني العنوان فقرأته..ثم قررت أن أرد رغم علمي أن الرد لن يصله..ورغم أن المقال قديم..ولكني لا أملك إلا أن أرد.

نعم يا سيدي..جيلنا لديه مشكلة حقيقة , بل مجموعة من المشاكل..والعقد النفسية ..والألم الذي رضعناه دون أن تنتبهو..لكن عندما يخطيء الطفل يا سيدي لا يكون مربط الفرس الطفل بل والديه , لأنه صنيعهم..
ونحن يا سيدي..صنيعكم..

لسنا نتاج العصر الذي ينمو تكنولوجيا بسرعة مخيفة كما تقول , نعم هم عامل مؤثر ولكننا لسنا الدولة الوحيدة التي خضعت له , فلماذا جئنا نحن على هذه الحال المؤسفة ؟ سأجيبك لماذا..

لأن هذا هو الانتاج الذي سعيتم جميعا له ..دولة ومؤسسات وآباء ومجتمع..انتم تعرضتم للحرب ولكنكم كنتم تعرفون أن الاضطهاد من الأحتلال هو امر طبيعي..طالما أن هناك وطن..انتم كنتم تتعلمون في مدارس مازال بقايا الاحتلال يجعلها ممنهجة بشكل منطقي إلى حد ما , دخلتم الجامعات وكنتم تتقاضون راتبا فور دخولكم ..وتعملون فور تخرجكم..كنتم تتحدثون وكنتم تملكون صوتا ورأيا..تزوجتم وأنجبتم وأنتم في أوائل العشرينات ووجدتم سكنا وربما منكم من استطاع أن يساعد عائلته بما يتبقى..نعم ازادادت الأمور سوءا مع الوقت ولكنكم على الاقل عشتم فترة من الحياة تعرفون فيها معنى أن يصبح الإنسان شيئا ذو قيمة..فأين نحن من كل هذا ؟

أين نحن من الكرامة ..من الإحترام..من الفرص..من أبسط حقوق الحياة ؟ لقد تم تجريدنا من كل شيء..تجريدنا من كرامتنا منذ لحظة إدراكنا أن كل شيء حولنا مستباح , تجريدنا من حق العلم منذ لحظة دخولنا لمدارس التعليم المجاني حيث لا تعليم حقيقي ولا تربية فاضلة ولا احترام لآدميتنا ..انتم علمتمونا في مدارسكم أن نسمع ونسمع ونسمع ولا نعترض , كانت المناهج تعج بالأخطاء الفادحة والمدارس في أسوأ حالاتها صحيا وبيئيا والنظام العقيم يدمر عقولنا واشتكينا حتى بح صوتنا فلم نجد ردا سوى الضرب والاهانة والقمع أكثر وأكثر..

ثم تم قتل أولى أحلامنا عند مفترق طرق التعليم من المدرسة للجامعة ..ليبدأ بعدها مسلسل آخر من القمع والإذلال وسوء التعليم وسوء المسار الذي مسير فيه مرغمين..لا نملك ألا ندخل الجامعات وندخل فتتحطم كل آمالنا وأحلامنا ويضيع شبابنا في محاولات بائسة ثم نتخرج لنتكدس صفوفا وصفوفا بلا عمل بعد أن يكون كل ما لدينا قد صرف على هذا الذي يفترض به تعليم..

تجردنا من حق العيش في مكان نظيف , وطعام نظيف , وحياة آمنة وعلاج في أماكن آدمية ..عشنا نغرق في الفوضى في كل شيء وتغرقنا..جيلنا يتخطى الثلاثين من الجنسين دون أن يكون قد وجد مساره المهنى ولا حقق عائدا ماديا ولا استطاع أن يجد مسكنا ولا زواجا ولا انجابا..أنا كطبيبة في السادسة والعشرين ومازالت دفعتي ومن هم أكبر لا نعرف كيف ومن أي باب ندخل طريق التخصص ..من بدأ طريق الماجستير ضاع فيه فلم يعد يعرف كيف ينهيه ولا يعرف كيف يعود إلى حيث بدأ بعدما ضاع من العمر ما ضاع..ومن لم يبدأ يرى العراقيل أمامه تحثه ألا يفعل ...ومازلنا جميعا لا يحظى أحدنا حتى الآن بمستوى وظيفي أو معيشي يليق بكونه طبيب ..أو هذا ما يفترض..اصدقائي وأقاربي تفرقو..البعض قرر الرحيل بلا عودة خارج البلاد والبعض رحل دونما خطة ..والبعض الآخر يتخبط هنا وهناك.

الكل ضائع , من تعلم ومن لم يتعلم..من حلم بالمستقبل ومن لم يحلم ..العشوائيات تملأ القاهرة , أطفال الشوارع يتكاثرون دون حل ..الشباب يضيع مع البطالة واليأس حين يجد نفسه بلا هدف ولا دليل..والكبار ينظرون ويتعجبون ثم يصمتون..

لم ينفعنا أن نجتهد..ولم ينفعنا أن نلقي بكل شيء ونعيش الدنيا كأن غدا لن يأتي..الظلم الذي جار علينا جميعا منذ كنا صغارا نال من كل ما فينا , وعشش في عيوننا القهر..والشعور بأن وطننا يضيق بنا , لا نستطيع العيش فيه ولا نعرف حتى سبيلا للخروج منه..

..كل ما تتحدث عنه يا سيدي من قيم لم تهتز في عيوننا بل هي لم توجد أمامنا من الاساس..كل قيمة سمعنا عنها ونحن صغاركان جيلكم والجيل الأقدم يفعل عكسها , تحدث الجميع عن الشجاعة وكنا نرى الجبن وسياسة جنب الحيط..سمعنا حديثا عن الوطن ولكنه كان يكفر بنا وبوجودنا كل يوم..قيل ما قيل عن الأمانة وعدم التحيز والوسائط التي كنتم تمنحونها بعدما صرتم كبارا تنهش كل فرصنا ..الشهامة لم نعرفها حين لم يدافع أحد عن حقنا في هذا الوطن..

معذرة حقا لأني قاسية ولكن هذه هي الحقيقة..هذا هو العالم الذي عشنا فيه..هذا هو ما هيئتموه لنا وما سمحتم بأن نعيش فيه وهذه هي النماذج التي قدمتموها , وحتى حين ثرنا قيل عنا ما قيل..هل تعرف لماذا كان جيلنا هو من فجر الثورة ؟ لأنه لم يعد يملك شيئا يخشى فقده..مات الشباب دونما انزعاج لأن حياتهم لم تعد تحمل لهم أي معنى..فقدو عيونهم دون بكاء لأنهم لم يرو بها ما يستحق الندم على فقده ..فمن يرى القمامه حوله في كل مكان لن يزعجه ألا يراها بعد اليوم ,

وحتى بعد كل ما حدث..وبعد أن فقد الشباب اصدقائهم أمام عيونهم لم يحدث شيء..ولم يقتص أحد..وما كان هو ما يكون والتاريخ يعيد نفسه والظلم ما زال مستمر فكيف بالله عليكم تعجبون من خصومتنا الفاجرة ؟ ..

التكنولوجيا تسببت في الأذى لنا جميعا هذا حقيقي , ولكنها جعلتنا نرى كل ما كنا عميانا عنه..جعلتنا نرى أننا مازلنا نستحق الحياة الكريمة التي لم تهتمو بأن توفروها لنا , جعلتنا نحلم بأن يكون لنا وطن..وطن حقيقى..مثل أوظان الآخرين..

لا أدافع عن أحد , لا أقول أن ما يحدث هو جيد..ولكن فقط اقول لا تلمونا الآن وأنتم لم تتركو لنا خيارا آخر..نحن مجروحون في الصميم جرحا لن تستوعبوه أبدا..جرح اليتيم ..الذي لا وطن له.

فإن صارت خصومتنا فاجرة..فهذا لأن وطننا بمن فيه كان فاجرا معنا من قبل أن نخاصمه..
........

د.شيماء عبادي
12 مايو 2013

المقال حيث قرأته :

https://www.facebook.com/photo.php?fbid=358559247577762&set=a.312083842225303.54150.311756365591384&type=1&theater